السلام الداخلي
الطب الشامل الموحد
على الرغم من تطور الطب التقليدي والتقدم التكنولوجي الذي يعتمد عليه، نشهد اهتمامًا متزايدًا بأساليب العلاج في الطب التكميلي. في العقد الأخير، زاد بشكل كبير الميزانية المخصصة للطب البديل والتكميلي في معظم الدول الغربية. الزيادة في شعبيته – أكثر من 50% من السكان في العالم الغربي احتاجوا إلى خدماته في وقت ما – تعكس تغييرًا حدث في احتياجات وقيم المجتمع الحديث. بالإضافة إلى ذلك، نشهد اهتمامًا متزايدًا أيضًا بين الأطباء. هذا يتجلى في عدد العيادات المرتبطة مباشرة بالمستشفيات، وفتح أقسام للطب التكميلي داخل المستشفيات، وإضافة دورات تعليمية في كليات الطب، والعلاجات التكميلية المقدمة من قبل صناديق الصحة.
هذا الوضع ينبع من الفهم الذي تم استيعابه منذ فترة طويلة، وهو أن الطب التقليدي صارم للغاية وغير فعال بشكل خاص في علاج الأمراض المزمنة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الخوف من الآثار الجانبية المصاحبة للعلاجات الغربية وارتفاع تكلفة الخدمات الصحية يوفر دافعًا للبحث عن طرق بديلة للوقاية وعلاج الأمراض.
بطبيعة الحال، الطب البديل ليس خاليًا من العيوب. خاصة أن معظم أساليبه لم تُقيَّم باستخدام الأدوات العلمية المعترف بها والتجارب المنضبطة، وبالتالي لا توجد تقييمات موضوعية لمدى فعاليته. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يسبب الطب البديل ضررًا، سواء نتيجة إهمال الأساليب العلاجية التقليدية، خاصة عندما يتعلق الأمر بمشكلة حادة أو مشكلة ميكانيكية، حيث يمكن للطب التقليدي أن يساعد بشكل أكبر في منع تدهور حالة المريض وحتى إنقاذ حياته.
هدفنا النهائي هو إنشاء طب واحد يركز على جانب الوقاية من خلال تحقيق الرفاهية الجسدية، النفسية، الروحية والاجتماعية. لتحقيق هذا الهدف، يجب علينا دمج وإجراء تكامل ذكي بين أساليب العلاج المختلفة وبذلك نستفيد من مزايا كل طريقة ونقلل من الآثار الجانبية والأضرار المحتملة. سيكون هذا الطب قادرًا على دمج الوسائل العلاجية الحديثة التي تركز على الجسد مع وسائل مستمدة من أساليب العلاج القديمة التي اجتازت اختبار الزمن وأثبتت فعاليتها وموثوقيتها وتأخذ في الاعتبار الجوانب النفسية والروحية للإنسان.
التكامل بين أساليب العلاج هو حاجة حقيقية تجلت بشكل أولي في السنوات الأخيرة في الأدبيات الطبية، واليوم بدأ الطب التكميلي يجذب الانتباه أيضًا بين التيار الرئيسي للمؤسسات التعليمية الطبية. لهذا السبب، أصدر "منظمة الصحة العالمية" في عام 2004 توجيهات موجهة للحكومات، أنظمة الصحة والمرضى، بهدف تشجيع التفاعل بين الطب التكميلي والطب التقليدي، وتوحيد أساليب العلاج ودمج وتنسيق المفاهيم المختلفة للطب.
ومع ذلك، على أرض الواقع، هناك صعوبة في دمج عوالم الطب التقليدي والطب التكميلي. هذه الصعوبة نابعة بشكل رئيسي من الاختلاف في الأساس الفكري الذي يستند إليه كل منهما. هاتان مقاربتان طبيتان تختلفان في فلسفتهما، في فهم الحياة، في تصور مفهوم الصحة والمرضى، في أساليب التشخيص وفي النهج العلاجي. لذا، فإن محاولة دمجهما تصطدم باختلاف فكري أساسي يبدو أنه من المستحيل تجاوزه.
ولكن لكي ندمج بين أساليب الطب المختلفة، يجب علينا أن ننظر إلى الإنسان ككيان واحد يجمع بين الجسد، النفس والروح. أصل هذه المكونات وخصائصها يعيدنا إلى الطبيعة، إلى اندماجنا في الطبيعة والكون. فهم القوانين الأساسية التي تحكم الكون يوضح التكامل بين المكونات المختلفة للكائن البشري ويطبق المعرفة الحالية في مخطط واضح واحد يساعدنا على فهم أن الاختلافات العلاجية في الأساليب المختلفة نابعة من أنها تركز على أجزاء مختلفة من الكيان البشري.
في هذا الكتاب، نقدم نموذجًا يدمج بين العلم الغربي بطرق تفكيره وتجربته العقلية-الفكرية وبين التجربة العاطفية-الإنسانية للشرق. نوضح فلسفة الفيزياء ونعترف بفيزياء الفلسفة.
هذا النموذج يعتمد على نظرية موحدة تستند إلى سبعة قوانين كونية توحد بين قوى الفيزياء، البيولوجيا، الفلسفة، الدين والروحانية. تشكل هذه القوانين أحجار الزاوية لفهم المعرفة والنظريات الموجودة في المجالات العلمية وغير العلمية، وتسمح لنا بالتعامل مع المكونات النفسية والروحية للإنسان بمصطلحات علمية.